Thursday, July 05, 2007

سقف الكفاية


مكان فسيح وناس كثر جالسون، وكأنه عرس.
ألبس فستاناً أبيض، لون البنفسج يشف من تحت بياضه.
أرقص بخجل بادٍ للعيان، ثم أكف عن الرقص لأبدأ بالغناء( بعيد عنك حياتي عذاب...)
أصعد سلماً خشبياً، درجاته تكاد تقع، غير مثبتة جيداً، أرغب في الهبوط، فيتملكني ذعر وهلع كبيرين، أستنجد بأمي وأناديها بصوت عال أشبه بالصراخ، فتجيبني بصوت لا مبال ولا تهب لنجدتي ومساعدتي، فقط تقول: بإمكانك النزول بمفردك...
ينتهي ما رأيت هنا، عندما يرن هاتفي مبشراً بوصول رسالة منك، رسالة جوابية على رسالتي التي بعثت بها إليك ليل البارحة.
كان صباحا يمكن وبكامل الرضا وصفه بالإيجابي، على الأقل.
شرد ذهني معك، و لم أكن بعد قد غادرت سريري، غير أن الحلم أخذني منك ورحت أفكر فيما رأيت، هو واضح في بعضه، ولن أحتاج لا لابن سيرين، ولا لفرو يد أيضا كي أفسره.
ولشدة وضوحه فاجئني، فستان عرس...، لون البنفسج هو لون غلالة مها* تلك التي استقبلت بها ناصرا* في أول مرة يدخل غرفتها، الأغنية والسلم الخشبي ودرجاته الآيلة للسقوط، أشياء لم أفهمها تماما! أما أمي فكانت مثلها هي في الواقع ، وهذا ما أشعرني بالخيبة، كنت آمل أن تكون أكثر رقة وحنانا، على الأقل في منام.

لم أذهب إلى العمل اليوم، هو يومي الثالث في البيت، ليست إجازة صيف، ولا الغرض منها فسحة، أو ربما تكون فسحة أمل.
فقدت طاقتي وما عاد بإمكاني الذهاب، أحس بأني في كل يوم أدفع حجرا أثقل من صخرة سيزيف، الجبل الذي أصعده أنا أكثر وعورة من جبله ويبدو كأنه جدار وليس جبلا.
ليس بمقدوري أن أكمل شهرا دون أن آخذ نفسا، ولو واحداً قبل أن أعاود المواصلة، وإلا اختنقت سأما وقرفا ونزقا.

في هذه الأيام شهيتي مفتوحة على القراءة، بي جوع لا أجد طريقا لإشباعه إلا بها، ودوما أجد أن ما ينقصني الكثير، أحيانا أحس بأن الركب قد فاتني وما عاد بإمكاني اللحاق به.
لأن هناك أوقات تمر علي أشعر فيها بعبثية كل شيء، حتى القراءة، فأكف عنها ربما احتجاجا على كل أسباب الكآبة المتوفرة كثيرا في أيامنا هذه.
أراجع نفسي وأعلم بأني أنا الخاسرة إذ أفارقها، فأعود إليها بشوق أكبر.
لكن ليس في رصيدي إلا قراءات قليلة لما كتب باللغة العربية، والرصيد الأكبر لما هو مترجم.
هل كان هذا صدفة أو مقصودا، ربما الاحتمالين معا.

منذ يومين وبينما أنا أتصفح بعض المنتديات التي تعنى بالأدب والكتاب، في نيتي البحث عن كتب الكترونية، الآن وقد صار عندي طابعة في متناول يدي: فأنا وبعد محاولات يائسة لم أستطع التأقلم مع القراءة عبر شاشة الكمبيوتر.
القراءة والكتابة: ورق وقلم، كتاب ودفتر.
أو أنها حاسة اللمس...!
صادفت( سقف الكفاية)...
لفتني أولا أنها رواية لشاب في مقتبل العمر من المملكة العربية السعودية:
محمد حسن علوان، الذي كتب روايته هذه في العام2001 أي عندما كان عمره ثلاثة وعشرون عاما فقط.
ولفتني أيضا الكثير مما كتب عنها من نقد، ايجابي وآخر يخالفه الرأي...
قررت أن أدشن بها طابعتي الجديدة.
لست أدري ما بإمكان لغتي المتواضعة أن تفصح عنها، لقد أنهيتها للتو وبي رغبة لمعاودة القراءة مرة من جديد.
رواية أخذتني ثلاثة أيام موصولة بلياليها، لم أعرف النوم معها إلا ساعات معدودة.
ما يدهش لدى محمد حسن علوان هو لغته الساحرة حد الإبهار، والتي أغبطه عليها.
ليال طويلة بكيت فيها مع ناصر، حزينة على حزنه، وحزني، وامتزجت دمعتي معه بدمعتي علي حتى لا تستطيع أن تفرق الدمعتين.
أحببته، ووجدت بيني وبينه تشابها حتى في عادته السيئة وهو يأكل لحم أصابعه الميت حتى تدمى بألم.
قالوا كثيرا عن الرواية ومنهم من بالغ في ظلم كاتبها.
قالوا مثلا أنها لا تملك مافي الرواية من حبكة، لست ناقدة للأدب، ولكن ومع الأخذ بالحسبان عمر الكاتب وكونها تجربته الأولى، فقد رأيت فيها ما يشفع له كل ما قيل ويقال من نقد، الصور:
صوره التي لست أدري من أين يستنبطها خياله الرحب، فهي تأتيك من حيث لا تدري بهية تفاجئك بحضورها الفاتن.
لن أطيل ولن أعرف أن أقول ما يجزي هذا الكاتب حقه مهما قلت.
هي دعوة لقراءتها، وشكر عميق لكاتبها فمعه عشقت العربية أكثر..
وأشكر له شعورا جميلا افتقدته لأزمان، أعادتني إليه سقف الكفاية.
في قائمة الكتب التي تنتظر القراءة اليوم روايته الثانية صوفيا .


* ناصر ومها أسماء بطلي رواية سقف الكفاية .


5 comments:

نبيه المنسي said...

أن هناك أوقات تمر علي أشعر فيها بعبثية كل شيء، حتى القراءة، فأكف عنها ربما احتجاجا على كل أسباب الكآبة المتوفرة كثيرا في أيامنا هذه.
---
تمر بي هذه الحالة أحيانا..بالنسبة لسقف الكفاية أذكر أنني قرأتها في أربع ساعات متواصلة , و في رأيي الخاص أنها أعطيت اكبر من الحجم الذي يستحقه,لغة الرواية لغة شاعرية ومناسبة يعبيها الطول الزائد عن الحد و الاستغراق في الوصف, على حساب الحدث
كوني بخير..

Amani Lazar said...

نبيه أشكر لك هذا التواصل الجميل
وسعيدة بعودتك
مودتي

horas said...

لم آخذ نفسا من سنوات ومع ذلك مستمر بقوة الدفع الذاتي ..غالبا اشعر بعبثية كل شيء ..والواقع يقول ان الركب فاتنى فعلا ..عبرتى عن كثير مما بداخلى بلغتك الجميله ..كما اشكرك على زيارة مدونتى المتواضعه جدا..أعجبنى بوحك جدا وأحسسنى بالعجز أمامه لذا سأضع لينك لمدونتك عندى حتى ادخلها دائما لأستفيد وأتعلم ويستمتع كل من يزورنى بزيارتك ,شوقتينى كثيرا لسقف الكفايه سأبحث عنها لأقرأها في أقرب فرصه..مع أمنياتى لكى بالسعادة

Amani Lazar said...

عزيزي حورس:
لغتي تعجز دوما عن التعبير
لكن وبكل صدق أسعدني وجودك ها هنا
أما عن سقف الكفاية ففي الموقع الخاص بالمؤلف تجد هناك وصلة لتحميلها
أبادلك طيب الأمنيات
كن بخير

horas said...

كيف حالك امانى ..منتظر زيارتك لوجود تاج من عندى ليكى ..يارب تكونى بخير