((سعداء هم الأبرياء،ناسين العالم بالعالم المنسي ،شعاع الروح النقية الأبدية،كل صلاة مقبولة وكل رغبة ممنوحة))
*الكسندر بوب
The eternal sunshine of the spotless mind
ّ
عيادة الطبيب((هاورد)) التي تعج بالزبائن في هذا الشهر من عام 2004، إنه فبراير وهذا يعني((عيد الفالنتين-الحب)) والسبب في الازدحام على هذه العيادة بالذات هو أن الطبيب((هاورد)) قد ابتكرَ طريقةًتسهِّل على المحبين اللذين فشلوا في علاقاتهم العاطفية وأرادوا أن ينسوا من أحبوهم أن يبدأوا حياة جديدة بدون ذكريات، كما لو أن شيئاً لم يحصل.
والطريقة إلى ذلك هي أنه يصنع خريطةً للدماغ تتكون من جميع الذكريات التي تتعلق بالشخص المراد محوه، كل ما يتعلق به،كتابات، هدايا، ثياب، كل شيء...
ومن ثم يعمل على محو هذه الذكريات من الدماغ بواسطة برنامج ما على الكمبيوتر، وقبل البدء بكل ذلك يتم تسجيل شهادة من الزبون يتحدث فيها عن أسباب إقباله على هذا الأمر ومن ثم تُرسل الرَّسائل من قِبَل عيادة الطبيب إلى كل الأشخاص اللذين كانوا على معرفة بهذهِ العلاقة حيث يُطلب إليهم أن لا يأتوا على ذكر الشخص الذي تم َّمحوه من ذاكرة الزبون .
ولكن؟ هل ينجح هذا؟ وهل هو كافٍ أن نتخلَّص من الذكريات، كل الذكريات التي تقاسمناها يوماً مع انسان كانت تجمعنا به علاقة حب في زمن مضى؟ أم أن للقلبِ شؤون ٌأخرى؟
هذه هي مقولة الفيلم الذي شاهدته مرات عدة ، وهو الذي جعلني التفت إلى موهبة(( جيم كاري)) ورقَّته بالإضافة إلى براعة((كيت وينسليت)) بعد جمالها بالتأكيد.
إذا لم تكن لديك فكرة عن الفيلم مسبقاً فأنت تحتاج إلى أن تراه مرَّتين كي تتمكن من التقاط قصته بوضوح، هذا ما حدث معي بأية حال.
تحكي قصَّة الفيلم حكاية(( جويل باريش/جيم كاري))، ذلك الشَّاب البسيط، الهاديء، قليل الكلام، الذي يقول عن نفسه أن َّحياته ليست بهذهِ الأهمية، ((وكليمنتاين كروزنسكي/كيت وينسليت)) غير الواثقة من نفسهابرغم جاذبيَّتها، العفوية، المتهوِّرة، دائمة القلق، التي لا تضيِّع ثانية ًمن وقتها كما ورد على لسانها أيضاً، حيث كانت تجمعهما علاقة حبٍّ منذ عامين لكن هذه العلاقة كانت تنهار شيئاً فشيئاً بسبب اختلاف شخصية كل منهما:
كليمنتاين التي لم تكن سعيدة في نهاية الأمر تزور عيادة الدكتور((هاورد)) وتمحو جويل من ذاكرتها فقد أرادت نسيانه، وعندما يعلم جويل بما فعلت يقرر أن يفعل هو أيضاُ وذلك في ليلة عيد الفانتين/الحب وهنا تظهر براعة المخرجMichel Gondry)))) أثناء إجراء عملية محو الذاكرة لجويل ومحاولته الهرب والاختباء -طبعاً هذا يجري في لا وعيه- واثناء نومه لرغبته الإبقاء على كليمنتاين في ذاكرته والفكرة هي أن يأخذها إلى ذكريات هي لم تكن موجودة فيها أصلاً، تلك المشاهد كانت رائعة ومؤثرة في آن معاً، مؤثرة لأننا نرى كيف أن مساعدي هاورد ((باتريك وستان)) اللذين يقومان بعملية محو الذاكرة-نرى – لا مبالاتهم تجاه مشاعر جويل وكيف يستغل الأول المعلومات التي حصل عليها أثناء عمله عن كليمنتاين ليقيم معها علاقة مستفيدا ًمن ذكريات جويل عنها أما الثاني الذي يدعو((ماري)) زميلته في العمل لتسهر معه أثناء قيامه ِبالعملية ناهيك عن الرَّقص على سرير جويل أثناء نومه.
تنتهي العملية ليصحو جويل في صباح 14/فبراير/2004 خائفاً ويرى نفسه متجهاً إلى (( montauk ))-ذلك الشاطيء الذي جمعه بكليم أو ل مرة –يستغرب تصرفه لجهله السبب .
هناك يلتقي كليم من جديد وتبدأ بينهما علاقة مجدداً وكأنهما التقيا لأول مرة، بعد ذلك تقوم ماري مساعدة الدكتور هاورد بأرسال ملفات جميع من قاموا بعمليات محو الذاكرة إلى أصحابها بعد اكتشافها أنها هي نفسها محت ذاكرتها يوما لتنسى حبها للدكتور هاورد المتزوج.
عندها يعلم كل من جويل وكليمنتاين بما فعلا لكنهما يستمران بالرغم من جميع احتمالات ظهور خلافات جديدة بينهما.
الفيلم أجمل من هذا كله،فأنا أعلم أنني فاشلة في رواية الأحداث والتَّعبير عن مواطنِ الجمال ألا أنني لم أستطعْ مقاومة ما فعلتُ الآن...أعذروني لكن هي مجرَّد دعوة لمشاركتي ما ظننتهُ جميلاً .
((سعداء هم اللذين ينسون حتى أنهم ينسون حماقاتهم الخاصة))*
نيتشه