Saturday, June 16, 2007

هذيان


ليست المسألة في كيف تبدأ يومك، بل كيف تنهيه أو كيف هو ينتهي بك ؟
لأن البدايات تبدو جميلة في غالبها، مغرية، تدعو لامتطاء صهوة الحلم، تجري بعيداً موغلاً في التداعيات...
البدايات تمنحك جناحين من ذهب تحلق بهما عاليا في سماء غريبة عنك، وتعطي لعينيك بريقا غاب عنهما طويلاً، ناهيك عن ابتسامات توزعها بإسراف، هنا وهناك..
البدايات المخادعة، تمنحك نشاطاً لم تألفه منذ أن سكنتك الكآبة، وأيضاً تعطيك الرضى والحب لأشياء كانت تثير في نفسك مشاعر الكره والغثيان وتشعل في دمك حريقاً ونزق...
كم كان هذا الصباح جميلاً، صحوت باكراً دونما مبرر، فاليوم عطلتي ولن أذهب للعمل
ليست قضية صعبة وإن كانت تبدو غريبة: أيام العمل أتأخر يوميا وفي يوم العطلة أصحو باكراً
أكره عملي، هذه هي..
نهضت ووعدي لنفسي ما زال على شفاهي منذ الليلة السابقة، قررنا سوية أنا وهي أن نعلي من شأن العقل وأن نجعله حاضراً أبداً، في الحقيقة تم إهماله طويلا وعلاه الغبار.
أمر مضحك نوعا ما أليس كذلك؟ ماذا لو لم يعمل؟ وهل كان يعمل سابقاً؟ أم أنه طوال عمره على الرف!
البداية كانت مبشرة بأية حال ...

تفتتحين نهارك بفيلم جميل صادفته في التلفزيون وترين في هذا فاتحة خير، تواصلين بعض التمارين الرياضية التي انقطعت عنها فترة وجيزة وتنجزين ما ترضين عنه، حتى يحين موعد الغداء وذهنك ما زال حاضراً بالرغم من مغافلتك إياه في التلذذ ببعض الحلويات في مواربة منك لم تستحسنيها، وتكملين، تسريح شعرك، فاليوم هو موعد اللقاء المرتقب بعد تلهف دام أكثر من أسبوع بين انتظار واعتذار... مقبول طبعاً.
بعد المنتصف بقليل يبدأ السقوط:
يبدأ القلق، لمْ يظهر، لم يرسل رسالة، تروحين، تجيئين وأفكارك تتأرجح معك.
هل كان عقلك حاضرا في تلك اللحظة؟ لا، مطلقا!.
مهملة مرة أخرى، وحيدة كالعادة، ترغبين في الاتصال به لتصرخي قائلة: لا تأت، ولكن لا تعدني قبل ذلك.
فتفعلين ولكنك لم تصرخي ولم يصدر عنك سوى صوت بكاؤك عابراً البلاد...
وكلمة أسف خافتة لا تفصح عما تتأسفين، و لا هو يدرك المعنى...
تنتهين، وينتهي يومك بليل ينذر بالألم، وبمشهد لا يفارق عينيك: دمٌ وسكين.

No comments: