Monday, December 31, 2007

أرجوحة حلمي



أرجوحة حلمي
ندىً تحت عينيكِ .. لا ليس دمعا
و عيناكِ نافذتان لعمري
و مشرقتان على ما أضعتُ

أضمّكِ ضمّة وردٍ و أغفو
و أنتِ البعيدة
تلوحين لي حين أشردُ
حين أحنُّ ..
و حين أبوح ...
و يفضحني العشقُ حين القصيدة
و خاطرتي إذ تناهت إليكِ
أنا الماءُ يصفو ..
و ذاكرتي رفُّ طير الحمام
على شجرٍ منك غفَّ و حام
على شجرٍ منك عشاً سيبني
و يفرشُ عشباً به و ينام

أمطرتي في الشتاء البخيل
أواهبتي الشعرَ كالسلسبيل
تضوعين بالعطر لو مرَّ قلبي
فيورقُ جفنٌ و يحيا قتيل

و تعرفكِ الآن ألفا مدينة
مررتُ بها و تركت الأنين
مصابيح تلك الشوارع تعرفُ
خطوَ صبيٍّ أليفٍ يغني
و حانات تلك المدائن تعرفُ

بحرٌ هنا ..
أو رصيفٌ هناك ..
هنا الكُل يعرف أني نَحُلتُ
و قلتُ كلاماً يليقُ بطائر

و أنت البعيدة ..
تلوحين لي حين أشردُ
حين أحنُّ و حين أبوحُ

و يفضحني العشقُ حين القصيدة ..


سميح شقير
من ديوان نجمة واحدة

Friday, November 23, 2007

Thursday, July 05, 2007

سقف الكفاية


مكان فسيح وناس كثر جالسون، وكأنه عرس.
ألبس فستاناً أبيض، لون البنفسج يشف من تحت بياضه.
أرقص بخجل بادٍ للعيان، ثم أكف عن الرقص لأبدأ بالغناء( بعيد عنك حياتي عذاب...)
أصعد سلماً خشبياً، درجاته تكاد تقع، غير مثبتة جيداً، أرغب في الهبوط، فيتملكني ذعر وهلع كبيرين، أستنجد بأمي وأناديها بصوت عال أشبه بالصراخ، فتجيبني بصوت لا مبال ولا تهب لنجدتي ومساعدتي، فقط تقول: بإمكانك النزول بمفردك...
ينتهي ما رأيت هنا، عندما يرن هاتفي مبشراً بوصول رسالة منك، رسالة جوابية على رسالتي التي بعثت بها إليك ليل البارحة.
كان صباحا يمكن وبكامل الرضا وصفه بالإيجابي، على الأقل.
شرد ذهني معك، و لم أكن بعد قد غادرت سريري، غير أن الحلم أخذني منك ورحت أفكر فيما رأيت، هو واضح في بعضه، ولن أحتاج لا لابن سيرين، ولا لفرو يد أيضا كي أفسره.
ولشدة وضوحه فاجئني، فستان عرس...، لون البنفسج هو لون غلالة مها* تلك التي استقبلت بها ناصرا* في أول مرة يدخل غرفتها، الأغنية والسلم الخشبي ودرجاته الآيلة للسقوط، أشياء لم أفهمها تماما! أما أمي فكانت مثلها هي في الواقع ، وهذا ما أشعرني بالخيبة، كنت آمل أن تكون أكثر رقة وحنانا، على الأقل في منام.

لم أذهب إلى العمل اليوم، هو يومي الثالث في البيت، ليست إجازة صيف، ولا الغرض منها فسحة، أو ربما تكون فسحة أمل.
فقدت طاقتي وما عاد بإمكاني الذهاب، أحس بأني في كل يوم أدفع حجرا أثقل من صخرة سيزيف، الجبل الذي أصعده أنا أكثر وعورة من جبله ويبدو كأنه جدار وليس جبلا.
ليس بمقدوري أن أكمل شهرا دون أن آخذ نفسا، ولو واحداً قبل أن أعاود المواصلة، وإلا اختنقت سأما وقرفا ونزقا.

في هذه الأيام شهيتي مفتوحة على القراءة، بي جوع لا أجد طريقا لإشباعه إلا بها، ودوما أجد أن ما ينقصني الكثير، أحيانا أحس بأن الركب قد فاتني وما عاد بإمكاني اللحاق به.
لأن هناك أوقات تمر علي أشعر فيها بعبثية كل شيء، حتى القراءة، فأكف عنها ربما احتجاجا على كل أسباب الكآبة المتوفرة كثيرا في أيامنا هذه.
أراجع نفسي وأعلم بأني أنا الخاسرة إذ أفارقها، فأعود إليها بشوق أكبر.
لكن ليس في رصيدي إلا قراءات قليلة لما كتب باللغة العربية، والرصيد الأكبر لما هو مترجم.
هل كان هذا صدفة أو مقصودا، ربما الاحتمالين معا.

منذ يومين وبينما أنا أتصفح بعض المنتديات التي تعنى بالأدب والكتاب، في نيتي البحث عن كتب الكترونية، الآن وقد صار عندي طابعة في متناول يدي: فأنا وبعد محاولات يائسة لم أستطع التأقلم مع القراءة عبر شاشة الكمبيوتر.
القراءة والكتابة: ورق وقلم، كتاب ودفتر.
أو أنها حاسة اللمس...!
صادفت( سقف الكفاية)...
لفتني أولا أنها رواية لشاب في مقتبل العمر من المملكة العربية السعودية:
محمد حسن علوان، الذي كتب روايته هذه في العام2001 أي عندما كان عمره ثلاثة وعشرون عاما فقط.
ولفتني أيضا الكثير مما كتب عنها من نقد، ايجابي وآخر يخالفه الرأي...
قررت أن أدشن بها طابعتي الجديدة.
لست أدري ما بإمكان لغتي المتواضعة أن تفصح عنها، لقد أنهيتها للتو وبي رغبة لمعاودة القراءة مرة من جديد.
رواية أخذتني ثلاثة أيام موصولة بلياليها، لم أعرف النوم معها إلا ساعات معدودة.
ما يدهش لدى محمد حسن علوان هو لغته الساحرة حد الإبهار، والتي أغبطه عليها.
ليال طويلة بكيت فيها مع ناصر، حزينة على حزنه، وحزني، وامتزجت دمعتي معه بدمعتي علي حتى لا تستطيع أن تفرق الدمعتين.
أحببته، ووجدت بيني وبينه تشابها حتى في عادته السيئة وهو يأكل لحم أصابعه الميت حتى تدمى بألم.
قالوا كثيرا عن الرواية ومنهم من بالغ في ظلم كاتبها.
قالوا مثلا أنها لا تملك مافي الرواية من حبكة، لست ناقدة للأدب، ولكن ومع الأخذ بالحسبان عمر الكاتب وكونها تجربته الأولى، فقد رأيت فيها ما يشفع له كل ما قيل ويقال من نقد، الصور:
صوره التي لست أدري من أين يستنبطها خياله الرحب، فهي تأتيك من حيث لا تدري بهية تفاجئك بحضورها الفاتن.
لن أطيل ولن أعرف أن أقول ما يجزي هذا الكاتب حقه مهما قلت.
هي دعوة لقراءتها، وشكر عميق لكاتبها فمعه عشقت العربية أكثر..
وأشكر له شعورا جميلا افتقدته لأزمان، أعادتني إليه سقف الكفاية.
في قائمة الكتب التي تنتظر القراءة اليوم روايته الثانية صوفيا .


* ناصر ومها أسماء بطلي رواية سقف الكفاية .


Tuesday, June 19, 2007

أغنية الحافَّة

وَضَعَ قدمه على النقطة الأخيرة للحافَّة وراح يغنّي
لنسمة العدم الأولى التي ستمرُّ على جسده
وللفضاء الذي كان فارغاً
وسيمتلئ به الآن.

وَطَأَ على النقطة الأخيرة وراح يغنّي:
في الفجر تطلع الشمس وفي المغيب تغيب
والسنةُ فصولٌ أربعة
فيا للحياة الجميلة،
النهارُ ضوءٌ إنْ لم تكن غيوم
والليل عتمة
فيا للحياة الجميلة،
وللناس بيوت
والساكنون فيها مهما مشوا
لا يصلون إلى الباب
فيا للبيوت الجميلة.

وَضَعَ قدمه على الحافَّة وغنّى لمِزق ثوبه
التي لمح فيها ذات يوم ابتسامةً للفجر
وثغراً كاملاً للغروب
ولحياته التي رآها مثل حريق
شبَّ فجأةً في نزهة.

وَضَعَ قدمه على النقطة الأخيرة للحافَّة وراح يغنّي
للخطوة التالية.

للشاعر وديع سعادة من ديوانه:
تركيبٌ آخر لحياة وديع سعادة

Saturday, June 16, 2007

هذيان


ليست المسألة في كيف تبدأ يومك، بل كيف تنهيه أو كيف هو ينتهي بك ؟
لأن البدايات تبدو جميلة في غالبها، مغرية، تدعو لامتطاء صهوة الحلم، تجري بعيداً موغلاً في التداعيات...
البدايات تمنحك جناحين من ذهب تحلق بهما عاليا في سماء غريبة عنك، وتعطي لعينيك بريقا غاب عنهما طويلاً، ناهيك عن ابتسامات توزعها بإسراف، هنا وهناك..
البدايات المخادعة، تمنحك نشاطاً لم تألفه منذ أن سكنتك الكآبة، وأيضاً تعطيك الرضى والحب لأشياء كانت تثير في نفسك مشاعر الكره والغثيان وتشعل في دمك حريقاً ونزق...
كم كان هذا الصباح جميلاً، صحوت باكراً دونما مبرر، فاليوم عطلتي ولن أذهب للعمل
ليست قضية صعبة وإن كانت تبدو غريبة: أيام العمل أتأخر يوميا وفي يوم العطلة أصحو باكراً
أكره عملي، هذه هي..
نهضت ووعدي لنفسي ما زال على شفاهي منذ الليلة السابقة، قررنا سوية أنا وهي أن نعلي من شأن العقل وأن نجعله حاضراً أبداً، في الحقيقة تم إهماله طويلا وعلاه الغبار.
أمر مضحك نوعا ما أليس كذلك؟ ماذا لو لم يعمل؟ وهل كان يعمل سابقاً؟ أم أنه طوال عمره على الرف!
البداية كانت مبشرة بأية حال ...

تفتتحين نهارك بفيلم جميل صادفته في التلفزيون وترين في هذا فاتحة خير، تواصلين بعض التمارين الرياضية التي انقطعت عنها فترة وجيزة وتنجزين ما ترضين عنه، حتى يحين موعد الغداء وذهنك ما زال حاضراً بالرغم من مغافلتك إياه في التلذذ ببعض الحلويات في مواربة منك لم تستحسنيها، وتكملين، تسريح شعرك، فاليوم هو موعد اللقاء المرتقب بعد تلهف دام أكثر من أسبوع بين انتظار واعتذار... مقبول طبعاً.
بعد المنتصف بقليل يبدأ السقوط:
يبدأ القلق، لمْ يظهر، لم يرسل رسالة، تروحين، تجيئين وأفكارك تتأرجح معك.
هل كان عقلك حاضرا في تلك اللحظة؟ لا، مطلقا!.
مهملة مرة أخرى، وحيدة كالعادة، ترغبين في الاتصال به لتصرخي قائلة: لا تأت، ولكن لا تعدني قبل ذلك.
فتفعلين ولكنك لم تصرخي ولم يصدر عنك سوى صوت بكاؤك عابراً البلاد...
وكلمة أسف خافتة لا تفصح عما تتأسفين، و لا هو يدرك المعنى...
تنتهين، وينتهي يومك بليل ينذر بالألم، وبمشهد لا يفارق عينيك: دمٌ وسكين.

Friday, June 01, 2007

عَلى وشَكِ سَعادة


في الليلة التي أكملتُ فيها عامي الثالث والثلاثين، كنتُ أودُّ الحديثَ عن الكآبةِ التي انتابتني، عن الألم الذي أحياه، عن الأحلام التي تسرَّبت من بين أصابعي هكذا، هكذا، بكل بساطة.
عن حياتي، وأيامي التي هي أشبه بطرقات فأسٍ على رأسي، كل الأيام...
عن سُعال أبي الذي ينتظر موته في أي لحظة، وعن حماقةِ أمي وملاحقتها لي بلسانها الَّلاذع، وعن إحساسها المفقود بأي ألم تسببه لي كلماتها الجارحة.
عن وزني، عن ثقتي المفقودة بنفسي، وعن القطار الذي-ربما- فاتني أو- ربما- أنا التي فوَّته، وعما أحسُّه من وحدةٍ وحصار.
عن أوقاتي المقيَّدة بأوقاتِ الآخرين، وعن الانتظار الذي أصبحَ صنعتي، والحرفةُ التي أبرعُ فيها كما لم يفعل أحدٌ يوماً.
عن طموحي المكسور، ورغبتي في مترٍ مربع واحد يكون لي أنا-ربما يكون بديلاً عن حضن- بعيداً عن أي ضجيج أو نظرات ترنو إلي شزراً.
عن الهواء الذي يتناقص، عن اختناقي، واحتراق رئتي بالدُّخان الذي أنفثهُ بوحشيةٍ.
عن ثلاثة وثلاثين عاماً ضاعوا عبثاً، في سذاجات لا تنتهي، عن الصَّليب، وإكليلِ الشَّوك والخلِّ الذي ارتويه على عطشٍ.
عن يسوع الذي تركني، عن دموعي التي أعجب لها كيف ما زالت تنبع من المآقي.
أما حان موعد رحيلي أيها المصلوب؟ ألم يكن لكَ من العمر ثلاثة وثلاثين عاماً عندما صعدتَ إلى السَّماء؟

خذني إليكَ إذنْ، لا يَهم إلى يمينكَ أو إلى شِمالك، المهم خلِّصني من عذاباتِ الأرض كلِّها...
كان هذا بعض مما كنت أودُّ الحديث عنه في تلك الليلة، إلا أن ثمة انحرافاتٌ حصلت...

دوماً يأتي لينتشلني من العدم، ينقذني من تعذيبي لنفسي، ومن صراعٍ بين العقلِ والعاطفة.
هذا الصِّراعُ الدَّموي الذي ينتهي دوماً بسقوطِ العقلِ في يأسٍ وحَيرةٍ، ويستسلم أمامَ اندفاعِ عاطفتي المهووسة.
حقاً إني أشفق لحالك يا عقلي الصغير!


كنتُ قد تحدثتُ مع نفسيَ الأخرى واتَّفقنا آخرَ مرةٍ أن نكفَّ عن اقتحامِ أوقاتهِ، فهذا لا يجوز ويجب التَّروي دوماً، فأنا بالرَّغم من أني أشتاقُ للحديثِ معهُ وتغمرني سعادةٌ لا توصف بسماع صوته الرَّقيق، إلا أن الحزنَ رفيقٌ ملازمٌ لهذه السعادة.
فالحديث لا بد له أن ينتهي في لحظة ما، ضرورية...
لم ألتزم بالاتفاق وفي ليلةٍ، فجأةً وبغيرِ واردْ، أمسكتُ بالهاتف، غير أنه لم يُجبْ، كررتُ المحاولة مراراً ولم يستجب، إلا أني استمريت في المحاولة حتى التَّعب...
نمت وعلى مخدتي انهمرت دموع، دموع حزنٍ، لومٍ، أسىً وأسف.
غفوتُ وفي رأسي يصرخُ صوتٌ يقول: من أنتِ، لكي تكوني فكرة من أفكارهِ؟
وصوتٌ آخر يجيب: من هوَ، لكي يفعل بي ما يفعل؟


في اليوم التالي أي في يوم ميلادي، وبينما أنا أشغل نفسي بأمور الحياة اليومية كي أسْلو عن التَّفكير بهِ، وإذ هوَ يُناديني!
نعم، أنا على وشك أن أقول بأني سعيدة!
أسرقُ من السَّعادةِ بعض فُقاعاتٍ، تنفجرُ عندما يبدأ الشَّوق بإعمالِ أشواكه في قلبي، والشوق لا ينتظر طويلاً...

Tuesday, May 29, 2007

كآبة

عندما تنطبق السماء المكفهرّة الثقيلة كالغطاء
على النفس الحزينة, فريسة السأم الطويل
وتلف كلّ دائرة الأفق بذراعيها
وتصب عليها نهاراً قاتماً أشد حزناً من الليالي
وعندما تتحول الأرض إلى سجن عَفِن
ويغدو الأمل وطواطاً يضرب الجدران بجناحيه
ورأسه بالسقوف المتداعية
وعندما يرسل المطر خيوطه الهائلة
مقلداً بها قضبان سجن واسع
وينسج شعب أخرس من العناكب الدنيئة
شباكه في تلافيف أدمغتنا
تفاجئنا دقات أجراس غاضبة
وتطلق نحو السماء عويلاً مخيفاً
عويل النفوس الهائمة بلا وطن
عندما تلجّ بالنواح والشكوى
وعندها تتتابع في نفسي أرتال متباطئة
من العربات الجنائزية
لا يتقدمها طبل ولا موسيقا
فالأمل يبكي مقهوراً
والقلق الفظيع المتجبّر
ينحني فوق رأسي ليغرس فيه
عَلمه الأسود
أزهار الشر-شارل بودلير

Friday, May 18, 2007

بِودّ

بينما كنت أنقب في الأرشيف من مطويات الهاوية السحيقة، وجدت مقالاً يتحدث فيه حارس الهاوية عن المجتمع السعودي ‏من خلال ما اختبره في العيش هناك مدة عشر سنوات من عمره.‏
هذا
المقال هو الذي أضاء لي ما أحب أن أقوله الآن:

إلى وقت قصير نسبياً كانت لدي صورة واحدة عن ‏المجتمع السعودي والخليجي بشكل عام، وشكلٌ واحد للإنسان الذي ينتمي إلى تلك المجتمعات، ربما تكمن السلبية في هذه الصورة في كونها وحيدة وتكوُّنها يعود إلى عوامل عدة.‏


‏ لا أبريء نفسي تماماً، لكن أيضاً كان للإنقطاع في التواصل بين الشعوب العربية دور كبير في عدم وجود ‏صورة أخرى إلى جانب هذه الصورة ة، التي هي تشبه إلى حد بعيد ما كنا نراه في الإعلام الغربي عن الصورة النمطية ‏لرجل النفط الخليجي.‏
هذه الصورة النمطية التي لم تكن أصلاً موجهة لنا، ساهمت وأثرت على أحكامنا من حيث لم ندري.‏
‏ القاعدة، وأسامة بن لادن والتطرف في التعصب أيضاً ...وأشياء كثيرة أخرى لا تنجو من تحمل مسؤوليتها ‏الحكومات العربية جميعها.‏


‏ لكن الذنب الذي أعيده على نفسي، هو أني اكتفيت بما وصلني ولم أحاول البحث عن رؤية أخرى عن صورة ‏مختلفة أخرى موجودة، بل مضيئة وباهرة في الحقيقة.‏
لقد انتظرت حتى وصلتني الصورة الجديدة...‏


حدث هذا بعد أن بات التواصل ممكناً عبروسائل عدة، منها الفضائيات، وهنا الفضل يعود في جزء كبير منه ‏إلى الإعلامي تركي الدَّخيل ، هذا الشاب الهاديء الذي أرى في عمله رسالة سامية، إذ يسلط الضوء في برنامجه ‏الأسبوعي (إضاءات )-والذي يبث على قناة العربية- على شخصيات وأفكار تنتمي إلى هذه المجتمعات في ‏منطقة الخليج العربي، لقد تعرفت من خلاله إلى أشخاص لهم من الأفكار المتنورة والجريئة ما لا يستطيع أي ‏واحد من مدعي التقدمية في بلدي أن يجرؤ على قوله!.‏
هناك أيضاً نافذة أخرى ألا وهي هذه النافذة التي تسمح لي بالتواصل معكم :أعني بها شبكة الإنترنت بشكل عام.‏
‏ وهنا أشكر الصدفة المحضة والأبواب التي قادتني إلى مدونات العديد من المدونين الشباب الخليجييّ المنشأ من ‏مثل
آشور و راشومون والكثير الكثير من أمثالهم في جمال اللغة والروح، إنهم أدباء بحق، وإني لأتوقع ‏لهم مستقبلاً زاهراً في مجال الكتابة فيما لو أرادوا السير فيه قدماً.‏
لا أخفيكم أني أصبت بالدهشة وبالخجل في آن معاً!!.‏
الدهشة من الجمال الذي كان خافياً عني سنين طويلة، والخجل من نفسي ومن الأحكام المسبقة تلك التي عليها ‏اللعنة.‏


لكم جميعا أيها الرائعون،

وِدِّي مع خالص الإعتذار...

Wednesday, May 16, 2007

عاداتٌ سيئةٌ



قالت إنَّ الحبَّ يشبهُ القمار
وإنها تخسر دائماً
قالت إنه عادةٌ سيئة
.لا تجرؤ على الشِّفاء منها

قالت إنها تخاف الضوء
رغم أن الليل الذي بذلته ليس قليلاً
تكتفي بوحدتها
ولا تبالي بالصُّحبة
لكنها تسقط من غيمتها
.كلما دلّها مطرٌ إلى أرضها

قالت إنها فتيّة عبثاً
ورقيقة رغماً عنها
لكنها تتظاهر بالقسوة
لأن الحنان كالحب
عادةٌ سيئة
ومثله ذلك الصمت
.ولن تقلع عنه أبداً

قالت إنها إمرأةٌ ضجرة
إنها أيضاً لا تصلح للنوم
لكنها تنام كي تظل شبيهةً بالجنين
.ِوتغمرها مياهُ الهاوية

قالت إنها إمرأةٌ متعبة
تنزف من نزقها كلّ يوم
.ولا تريد أن تبرأ

قالت إنها خاسرةٌ بالفطرة
خاسرة كي تستحق فوزها
قالت أخيراً إن الحياة عادةٌ سيئة
ًربما لن تشفى منها يوما
بشيءٍ من العزم
.وبنسيانٍ كثير


للشاعرة جمانة حداد
نقلاً عن الموقع الخاص بها

Saturday, May 12, 2007



خيمة
في فناءِ بيتنا الصَّغير،
اخترعتُ خيمةً صغيرة.‏
ومنْ حولِها ما زالت قطراتُ المطرِ
‏ تتبعثر،‏
هُنا، حيثُ لا يتَّسع المكان
إلاَّ لبعضِ أغنيات جيلبير بيكّو،
زهرةُ الجاردينيا التي زَرعتُها
‏ على اسمِكَ،
كتابٌ (اسمهُ أحمَر)‏
كأسُ شايٍِ بنكهةِ آيرل جراي،
كما تفضّله،
وأشواقٌ وحشيةٌ‏
أُروِّضها...‏
أجلسُ،
وأحلمُ بالحريَّة.‏

Friday, May 11, 2007

انطباعات



رذاذُ نيسانَ، ضحكاتٍ طفولية في ليلِ السَّامرين‏
فرَح ٌشقيٌ، يحلو لهُ السَّهر
.

ِالطلُّ الَّذي يهطلُ اليومَ-في أيَّار-

لهُ طعمُ الوجع

دافيءٌ، كالشَّوقِ إليكَ .
برفقٍ يتهادى منَ السَّماءمُتبعثراً

كما أنا ،
عندما لا يصلني بَريدُكَ ...

Sunday, May 06, 2007



عَنِ المَشهدِ الفَضائِيّ




‏المذيع:شـ شـ كـ.... شكراً شكراً سيدي‏
الضيف:.......متابعاً
المذيع:نعم ،وصلت الفكرة،كان مـ
الضيف:ما زال متابعاً....‏
المذيع: نعتذر لضيق الوقت،كان معنا من...الأستاذ....‏
وتغيب صورة الضيف وعلى وجهه علائم الإحباط والامتعاض.‏
هذه الجمل المقتضبة،السريعة، وهذا المشهد الذي يتكرر يومياً مرات ومرات على شاشات الفضائيات الإخبارية ‏تحديداً استفزني لدرجة أني أكتب عنه الآن.‏
أليس من المفترض أن يكون هناك التزام بآداب الحوار على الأقل في التلفزيون الذي هو المعلم الأول في هذه ‏الأيام؟ وهل المقاطعة أثناء الحديث إلا قلة أدب؟ غير أن السؤال هنا:كيف يكون موقف الضيف في هذه ‏الحالة؟وما هو شعوره في حينها؟وكيف له أن يعاود الكرَّة،ألا يشعر بالإهانة ؟ألا يشعر بأنه مجرد أداة تستخدم ‏لغاية ما وفي وقت محدد مسبقاً من قبل المخرج الذي لم يسمع شيئاً مما قاله ولا حتى المذيع غالباً!!وعند انتهاء ‏هذا الوقت-الضيِّق-يقطع الاتصال بكل(وقاحة/تهذيب)ويتم الانتقال إلى خبر جديد عن قتلى وجرحى ‏واشتباكات واعتصامات واعتقالات الخ...‏
أشد ما أثار غيظي هو تلك الجملة :وصلت الفكرة !! ‏
ولا تقتصر هذه الظاهرة على نشرات الأخبار فقط بل هي موجودة في بعض البرامج الحوارية أيضاً والتي ربما ‏يكون لي معها وقفة قريباً .‏
أظن وصلت الفكرة؟
شكراً لإصغائكم ،نلتقي بكم على رأس الساعة،كونوا معناوإلى اللقاء!!!‏

Thursday, May 03, 2007

تَهويماتٌ مِنْ وَحيِ فَراغِ القبورْ







المرأة التي عرفت عن فراغها فسكتت عنه بعجزٍ...‏
لأن فراغها وإن يكن أصيلاً فيها فهو ليس ناجماً عن أحد الصبغيات الوراثية وهو ايضاً ليس مُكتَسباً تربوياً ...
هذه المرأة هي، من الفراغ وإليه،تعتاشه،تـأكل وتشرب فراغاً،وتنام وتأرق..فراغاً
ولا تفقه شيئاً عن الملء، والإمتلاء إلا في زيادة وزنها، فراغاً أكبر حجماً ...
وهي تعلن: أنها جثة هامدة دخلت عالم الأحياء، بطريق الخطأ أو الانحراف أو..‏
وتعتذرعن كل ما اقترفته من ترهات، ومن ثم تنسحب عائدة إلى قبرها-بيتها-غرفتها-هيكلها
لأنها أحبتكم يا أيها الأحياء و لأنهالا تخاف شيئاًً أكثر من... التورط فيكم‏ !!!










Saturday, April 28, 2007

‏((سعداء هم الأبرياء،ناسين العالم بالعالم المنسي ،شعاع الروح النقية الأبدية،كل صلاة مقبولة وكل رغبة ممنوحة))‏
‎*‎الكسندر بوب

The eternal sunshine of the spotless mind

ّ‏ ‏

عيادة الطبيب((هاورد)) التي تعج بالزبائن في هذا الشهر من عام 2004، إنه فبراير وهذا يعني((عيد ‏الفالنتين-الحب)) والسبب في الازدحام على هذه العيادة بالذات هو أن الطبيب((هاورد)) قد ابتكرَ طريقةً‏تسهِّل على المحبين اللذين فشلوا في علاقاتهم العاطفية وأرادوا أن ينسوا من أحبوهم أن يبدأوا حياة جديدة ‏بدون ذكريات، كما لو أن شيئاً لم يحصل.

والطريقة إلى ذلك هي أنه يصنع خريطةً للدماغ تتكون من جميع ‏الذكريات التي تتعلق بالشخص المراد محوه، كل ما يتعلق به،كتابات، هدايا، ثياب، كل شيء...

ومن ثم يعمل ‏على محو هذه الذكريات من الدماغ بواسطة برنامج ما على الكمبيوتر، وقبل البدء بكل ذلك يتم تسجيل شهادة ‏من الزبون يتحدث فيها عن أسباب إقباله على هذا الأمر ومن ثم تُرسل الرَّسائل من قِبَل عيادة الطبيب إلى ‏كل الأشخاص اللذين كانوا على معرفة بهذهِ العلاقة حيث يُطلب إليهم أن لا يأتوا على ذكر الشخص الذي ‏تم َّمحوه من ذاكرة الزبون .

ولكن؟ هل ينجح هذا؟ وهل هو كافٍ أن نتخلَّص من الذكريات، كل الذكريات التي تقاسمناها يوماً مع انسان ‏كانت تجمعنا به علاقة حب في زمن مضى؟ أم أن للقلبِ شؤون ٌأخرى؟


هذه هي مقولة الفيلم الذي شاهدته مرات عدة ، وهو الذي جعلني التفت إلى موهبة(( جيم كاري)) ورقَّته ‏بالإضافة إلى براعة((كيت وينسليت)) بعد جمالها بالتأكيد.‏


إذا لم تكن لديك فكرة عن الفيلم مسبقاً فأنت تحتاج إلى أن تراه مرَّتين كي تتمكن من التقاط قصته ‏بوضوح، هذا ما حدث معي بأية حال.‏


تحكي قصَّة الفيلم حكاية(( جويل باريش/جيم كاري))، ذلك الشَّاب البسيط، الهاديء، قليل الكلام، الذي يقول ‏عن نفسه أن َّحياته ليست بهذهِ الأهمية، ((وكليمنتاين كروزنسكي/كيت وينسليت)) غير الواثقة من ‏نفسهابرغم جاذبيَّتها، العفوية، المتهوِّرة، دائمة القلق، التي لا تضيِّع ثانية ًمن وقتها كما ورد على لسانها أيضاً، حيث ‏كانت تجمعهما علاقة حبٍّ منذ عامين لكن هذه العلاقة كانت تنهار شيئاً فشيئاً بسبب اختلاف شخصية كل ‏منهما:

كليمنتاين التي لم تكن سعيدة في نهاية الأمر تزور عيادة الدكتور((هاورد)) وتمحو جويل من ذاكرتها فقد ‏أرادت نسيانه، وعندما يعلم جويل بما فعلت يقرر أن يفعل هو أيضاُ وذلك في ليلة عيد الفانتين/الحب وهنا ‏تظهر براعة المخرجMichel Gondry))‎‏)) أثناء إجراء عملية محو الذاكرة لجويل ومحاولته الهرب ‏والاختباء -طبعاً هذا يجري في لا وعيه- واثناء نومه لرغبته الإبقاء على كليمنتاين في ذاكرته والفكرة هي أن يأخذها إلى ‏ذكريات هي لم تكن موجودة فيها أصلاً، تلك المشاهد كانت رائعة ومؤثرة في آن معاً، مؤثرة لأننا نرى كيف ‏أن مساعدي هاورد ((باتريك وستان)) اللذين يقومان بعملية محو الذاكرة-نرى – لا مبالاتهم تجاه مشاعر جويل ‏وكيف يستغل الأول المعلومات التي حصل عليها أثناء عمله عن كليمنتاين ليقيم معها علاقة مستفيدا ًمن ‏ذكريات جويل عنها أما الثاني الذي يدعو((ماري)) زميلته في العمل لتسهر معه أثناء قيامه ِبالعملية ناهيك عن ‏الرَّقص على سرير جويل أثناء نومه.

تنتهي العملية ليصحو جويل في صباح 14/فبراير/2004 خائفاً ويرى ‏نفسه متجهاً إلى ((‏ montauk ‏))-ذلك الشاطيء الذي جمعه بكليم أو ل مرة –يستغرب تصرفه لجهله ‏السبب .

هناك يلتقي كليم من جديد وتبدأ بينهما علاقة مجدداً وكأنهما التقيا لأول مرة، بعد ذلك تقوم ماري ‏مساعدة الدكتور هاورد بأرسال ملفات جميع من قاموا بعمليات محو الذاكرة إلى أصحابها بعد اكتشافها أنها هي ‏نفسها محت ذاكرتها يوما لتنسى حبها للدكتور هاورد المتزوج.

عندها يعلم كل من جويل وكليمنتاين بما فعلا ‏لكنهما يستمران بالرغم من جميع احتمالات ظهور خلافات جديدة بينهما.‏


الفيلم أجمل من هذا كله،فأنا أعلم أنني فاشلة في رواية الأحداث والتَّعبير عن مواطنِ الجمال ألا أنني لم أستطعْ ‏مقاومة ما فعلتُ الآن...أعذروني لكن هي مجرَّد دعوة لمشاركتي ما ظننتهُ جميلاً .





Kate Winslet,Jim Carrey






Jim Carrey





Kate Winslet



Jim Carrey

Kate WINSLET

بينما يرسمون له خريطة للدماغ







((سعداء هم اللذين ينسون حتى أنهم ينسون حماقاتهم الخاصة))*

نيتشه

الموقع الخاص بالفيلم

Saturday, April 21, 2007

ْتَحيّة إلى النّوابْ في زَمَن ْالانتخاب

كلمات وألحان غدي الرحباني
غناء الفرسان الأربعة

Tuesday, April 17, 2007



(إلى من اشتقت هناك في مسعدة)


يا زهر الرّمان آن أوانك آن ‏





كلمات ألحان وغناء سميح شقير




ken watanabe


Monday, April 16, 2007



كل الأسماء

و ليتصور الآن كل من هو قادر على التصور حالة التوتر العصبي، والاستثارة التي فتح بها دون جوزيه لأول ‏مرة الباب المحظور ، والقشعريرة التي جعلته يتوقف عند المدخل، كما لو أنه وضع قدمه على عتبة حجرة يدفن ‏فيهاإله لا تأتيه مهابته، على عكس ماهو شائع، من الإنبعاث وإنما من رفضه له. فالآلهة الموتى وحدهم هم الآلهة ‏دوماً. كانت الكتل الشبحية للخزائن المترعة بالأوراق تبدو وكأنها تشق السقف غير المرئي وتعلو في السماء ‏السوداء، وكان الضوء الشاحب فوق الطاولة المديرأشبه بنجمة نائية وخامدة. ومع أنه يعرف جيداً الأرض ‏التي يتحرك فوقها، فقد أدرك دون جوزيه، عندما استعاد ما يكفي من هدوئه، أنه بحاجة إلى مساعدة ضوء كي ‏لا يصطدم بالأثاث، ولكن قبل ذلك، لكي يصل دون إضاعة وقت كثير،إلى الوثائق الخاصة بالمطران،البطاقة ‏أولاً،وبعد ذلك الملف الشخصي.كان لديه مصباح يدوي في الدرج الذي يحتفظ فيه بالمفتاح.ذهب ‏لإحضاره،وعندئذٍ ،كما لو أن حمله الضوء قد ولد شجاعةً جديدة في روحه، تقدم مصمماً تقريباً بين ‏الطاولات،حتى بلغ الكونتوار،الذي كان يقبع تحته أرشيف بطاقات الأحياء الواسع.وعثر بسرعة على بطاقة ‏المطران وحالفه الحظ بأن الخزانة التي يحفظ فيها الملف المطابق للبطاقة لم يكن أعلى من مدى ارتفاع الذراع. لم ‏يحتج للسلم. ولكنه فكر بتوجس كيف ستكون حياته عندما سيضطر إلى الصعود إلى المناطق العليا من ‏الخزائن،هناك حيث تبدأ السماء السوداء.فتح خزانة المطبوعات،وأخرج نموذجاً من كل أنواع الاستمارات ‏ورجع إلى البيت،تاركاً باب الاتصال مفتوحاً.جلس بعد ذلك،وبيده التي ما زالت ترتعش،بدأ باستنساخ ‏المعلومات الشخصية للمطران على نسخة من الاستمارات البيضاء،الاسم الكامل،دون أن يغفل أي كنية أو أي ‏تفصيل،تاريخ ومكان الولادة،اسما الأبوين،اسما العرابين،واسم الكاهن الذي عمده،واسم موظف المحفوظات ‏العامة الذي قام بتسجيله،كل الأسماء.‏ ‏

مقطع من رواية "كل الأسماء" لخوسيه ساراماغو والصادرة عن دار المدى عام 2002،ترجمة:صالح علماني

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

لقد بدأنا نعرف ما معنى الزمن

عندما نعود إلى البيت وحيدين

متشابكي القلوب و الأصابع

بدأنا نعرف ما تعني الصخور النائمة في البحر

الشمس النائمة في السماء

و الأغاني النائمة في المقبرة

بدأنا نعرف لماذا ننام و نأكل

و نسير في الشوارع بلا هدف

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

حيث في كلّ كلمة قبلة مذبوحة

حيث في كلّ (صباح الخير) طلقة مخبأة

لم نستطع أن نمزِّق بها دماغ صيَّاد

لقد بدأنا نعرف و نفكِّر و نتألَّم بشكل حسن

محاولين أن نقول للفتاة الجميلة:

(هذه المظلَّة لا تصلح للوقاية من النار

هذا الثوب لا يصلح للقيام بنزهة إلى الغابة

هذه الأصابع لا تصلح لمداعبة قطَّة

و هاتان العينان المليئتان بالسنايل

لا تصلحان لرؤية الجوع

و هو يتقلَّب بعنف فوق فراش شائك)

ههنا كل شيء مريض:

البشر و الحيوانات و الأزهار

القوانين و الدول

الآلهة الطيِّبة و الشياطين الشرِّيرة

الذين رحلوا عنَّا

و الذين ما زالوا يتشبَّثون بنا

مثلما تشبَّث السندباد بجسم حوت بليد

معتقدًا أنَّه صخرة

و ها نحن نغوص

مرضى و معذَّبين و مُتعبين و جوعى

في هذه الهاوية الرحبة

التي اسمها (حياتنا)

نعرف و نفكِّر و نتألَّم بشكل حسن

نعرف لون الأفق في السادسة صباحًا

لون الطفل و هو يغادر صباحه إلى الأبد

و لون الصباح الذي لا يزورنا

إلاَّ عندما نشعر بحاجة إلى النوم.

أنت،

اخلع عنك الحياة و أذهب بصراحة إلى الموت

الموت يا عزيزي سمكة لن تقبض عليها

إلاَّ إذا كانت يداك جافَّتين

و مشاعرك حافية


أنتِ،

اخلعي حياتك و أوقدي شمعة

و لا تفكِّري كثيرًا بشهداء الأقاليم

لا تفكِّري بالبحَّارة التعساء

و لا بالقرصان الجميل

و لا تفكِّري بإفريقيا الخضراء

و لا بآسيا الرماديَّة

لا تفكِّري بالبجع و لا بالتماسيح

لا بالنهر و لا بالزورق

فقط اتركي نفسك بهدوء قرب شمعة

بذاكرة بيضاء و قلب صافٍ

و لنحاول معًا أن نعرف ما معنى الزمن

عندما، كجنديٍّ مسكين

يمدُّ ذراعه السليمة

طالبًا منَّا صدقة

جنديّ مسكين أو امرأة نحيلة

على السرير العاري كانا يموتان

(بهدوء... بهدوء... بهدوء)

تفتح المرأة عينيها و تنظر إلى الجندي بدهشة

يفتح الجندي ساعديه و يضمُّ المرأة بخوف

بدهشة و خوف كانا يموتان

و العالم حولهما يتداعى و يختفي

و الناس

الناس الوادعون

الطيِّبون

الأبرياء حتَّى رؤوس أصابعهم

كانوا ينظرون إليهما بلامبالاة

و حينما انتفض الجندي و طلب سيجارة

و حينما انتفضت المرأة و أعطته السيجارة

فتح الهواء الباب و أطفأ عيدان الثقاب...

أنا رجل مسكين

و أنتِ امرأة نحيلة

أنا بعيد

و أنتِ مثلي مثلي مثلي بعيدة

يداك الملوَّثتان بالحبّ

لا تغسليهما

الوحش المقتول في قلبك

اتركيهِ هناك يتفصَّد موتًا

ذثِّريه بالأغاني و ضعي يديه فوق صدره

و غدًا، أو اليوم،

عندما تصبح الحريَّة كالهواء مباحة

عندما يتداعى الأباطرة كالجدران القديمة

عندما يمتلك الجميع قليلاً من الرصاص

و كثيرًا من القلب

و غدًا، أو اليوم،

عندما نعرف و نفكِّر و نتألَّم بشكل حسن

و غدًا، أو اليوم،

سنحاول أن نسير في الشارع

نتكلَّم بغبطة و بلا خجل

و وحيدين نعود إلى البيت

متشابكي القلوب و الأصابع

و للشجر أن يكون أشد اخضرارًا

و للبحر أن يكون أشد اتِّساعًا

و مثلما يحقُّ للسكِّين أن يكون حادًّا و مؤلمًا

فللخطيئة الجميلة حقّها في أن تتكاثر كالأرانب

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

حيث

في

كلّ

كلمة

قبلة

مذبوحة.




رياض الصالح الحسين

Friday, March 23, 2007

أسئلة

Monday, February 05, 2007

مافي امل

!!! ما رح تزبط معك
مافي حدا يسمعك
لا يصح الا الصحيح
هيك بيقول المثل
...يمكن مافي امل