Monday, April 16, 2007

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

لقد بدأنا نعرف ما معنى الزمن

عندما نعود إلى البيت وحيدين

متشابكي القلوب و الأصابع

بدأنا نعرف ما تعني الصخور النائمة في البحر

الشمس النائمة في السماء

و الأغاني النائمة في المقبرة

بدأنا نعرف لماذا ننام و نأكل

و نسير في الشوارع بلا هدف

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

حيث في كلّ كلمة قبلة مذبوحة

حيث في كلّ (صباح الخير) طلقة مخبأة

لم نستطع أن نمزِّق بها دماغ صيَّاد

لقد بدأنا نعرف و نفكِّر و نتألَّم بشكل حسن

محاولين أن نقول للفتاة الجميلة:

(هذه المظلَّة لا تصلح للوقاية من النار

هذا الثوب لا يصلح للقيام بنزهة إلى الغابة

هذه الأصابع لا تصلح لمداعبة قطَّة

و هاتان العينان المليئتان بالسنايل

لا تصلحان لرؤية الجوع

و هو يتقلَّب بعنف فوق فراش شائك)

ههنا كل شيء مريض:

البشر و الحيوانات و الأزهار

القوانين و الدول

الآلهة الطيِّبة و الشياطين الشرِّيرة

الذين رحلوا عنَّا

و الذين ما زالوا يتشبَّثون بنا

مثلما تشبَّث السندباد بجسم حوت بليد

معتقدًا أنَّه صخرة

و ها نحن نغوص

مرضى و معذَّبين و مُتعبين و جوعى

في هذه الهاوية الرحبة

التي اسمها (حياتنا)

نعرف و نفكِّر و نتألَّم بشكل حسن

نعرف لون الأفق في السادسة صباحًا

لون الطفل و هو يغادر صباحه إلى الأبد

و لون الصباح الذي لا يزورنا

إلاَّ عندما نشعر بحاجة إلى النوم.

أنت،

اخلع عنك الحياة و أذهب بصراحة إلى الموت

الموت يا عزيزي سمكة لن تقبض عليها

إلاَّ إذا كانت يداك جافَّتين

و مشاعرك حافية


أنتِ،

اخلعي حياتك و أوقدي شمعة

و لا تفكِّري كثيرًا بشهداء الأقاليم

لا تفكِّري بالبحَّارة التعساء

و لا بالقرصان الجميل

و لا تفكِّري بإفريقيا الخضراء

و لا بآسيا الرماديَّة

لا تفكِّري بالبجع و لا بالتماسيح

لا بالنهر و لا بالزورق

فقط اتركي نفسك بهدوء قرب شمعة

بذاكرة بيضاء و قلب صافٍ

و لنحاول معًا أن نعرف ما معنى الزمن

عندما، كجنديٍّ مسكين

يمدُّ ذراعه السليمة

طالبًا منَّا صدقة

جنديّ مسكين أو امرأة نحيلة

على السرير العاري كانا يموتان

(بهدوء... بهدوء... بهدوء)

تفتح المرأة عينيها و تنظر إلى الجندي بدهشة

يفتح الجندي ساعديه و يضمُّ المرأة بخوف

بدهشة و خوف كانا يموتان

و العالم حولهما يتداعى و يختفي

و الناس

الناس الوادعون

الطيِّبون

الأبرياء حتَّى رؤوس أصابعهم

كانوا ينظرون إليهما بلامبالاة

و حينما انتفض الجندي و طلب سيجارة

و حينما انتفضت المرأة و أعطته السيجارة

فتح الهواء الباب و أطفأ عيدان الثقاب...

أنا رجل مسكين

و أنتِ امرأة نحيلة

أنا بعيد

و أنتِ مثلي مثلي مثلي بعيدة

يداك الملوَّثتان بالحبّ

لا تغسليهما

الوحش المقتول في قلبك

اتركيهِ هناك يتفصَّد موتًا

ذثِّريه بالأغاني و ضعي يديه فوق صدره

و غدًا، أو اليوم،

عندما تصبح الحريَّة كالهواء مباحة

عندما يتداعى الأباطرة كالجدران القديمة

عندما يمتلك الجميع قليلاً من الرصاص

و كثيرًا من القلب

و غدًا، أو اليوم،

عندما نعرف و نفكِّر و نتألَّم بشكل حسن

و غدًا، أو اليوم،

سنحاول أن نسير في الشارع

نتكلَّم بغبطة و بلا خجل

و وحيدين نعود إلى البيت

متشابكي القلوب و الأصابع

و للشجر أن يكون أشد اخضرارًا

و للبحر أن يكون أشد اتِّساعًا

و مثلما يحقُّ للسكِّين أن يكون حادًّا و مؤلمًا

فللخطيئة الجميلة حقّها في أن تتكاثر كالأرانب

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

حيث

في

كلّ

كلمة

قبلة

مذبوحة.




رياض الصالح الحسين

No comments: