Saturday, April 28, 2007

‏((سعداء هم الأبرياء،ناسين العالم بالعالم المنسي ،شعاع الروح النقية الأبدية،كل صلاة مقبولة وكل رغبة ممنوحة))‏
‎*‎الكسندر بوب

The eternal sunshine of the spotless mind

ّ‏ ‏

عيادة الطبيب((هاورد)) التي تعج بالزبائن في هذا الشهر من عام 2004، إنه فبراير وهذا يعني((عيد ‏الفالنتين-الحب)) والسبب في الازدحام على هذه العيادة بالذات هو أن الطبيب((هاورد)) قد ابتكرَ طريقةً‏تسهِّل على المحبين اللذين فشلوا في علاقاتهم العاطفية وأرادوا أن ينسوا من أحبوهم أن يبدأوا حياة جديدة ‏بدون ذكريات، كما لو أن شيئاً لم يحصل.

والطريقة إلى ذلك هي أنه يصنع خريطةً للدماغ تتكون من جميع ‏الذكريات التي تتعلق بالشخص المراد محوه، كل ما يتعلق به،كتابات، هدايا، ثياب، كل شيء...

ومن ثم يعمل ‏على محو هذه الذكريات من الدماغ بواسطة برنامج ما على الكمبيوتر، وقبل البدء بكل ذلك يتم تسجيل شهادة ‏من الزبون يتحدث فيها عن أسباب إقباله على هذا الأمر ومن ثم تُرسل الرَّسائل من قِبَل عيادة الطبيب إلى ‏كل الأشخاص اللذين كانوا على معرفة بهذهِ العلاقة حيث يُطلب إليهم أن لا يأتوا على ذكر الشخص الذي ‏تم َّمحوه من ذاكرة الزبون .

ولكن؟ هل ينجح هذا؟ وهل هو كافٍ أن نتخلَّص من الذكريات، كل الذكريات التي تقاسمناها يوماً مع انسان ‏كانت تجمعنا به علاقة حب في زمن مضى؟ أم أن للقلبِ شؤون ٌأخرى؟


هذه هي مقولة الفيلم الذي شاهدته مرات عدة ، وهو الذي جعلني التفت إلى موهبة(( جيم كاري)) ورقَّته ‏بالإضافة إلى براعة((كيت وينسليت)) بعد جمالها بالتأكيد.‏


إذا لم تكن لديك فكرة عن الفيلم مسبقاً فأنت تحتاج إلى أن تراه مرَّتين كي تتمكن من التقاط قصته ‏بوضوح، هذا ما حدث معي بأية حال.‏


تحكي قصَّة الفيلم حكاية(( جويل باريش/جيم كاري))، ذلك الشَّاب البسيط، الهاديء، قليل الكلام، الذي يقول ‏عن نفسه أن َّحياته ليست بهذهِ الأهمية، ((وكليمنتاين كروزنسكي/كيت وينسليت)) غير الواثقة من ‏نفسهابرغم جاذبيَّتها، العفوية، المتهوِّرة، دائمة القلق، التي لا تضيِّع ثانية ًمن وقتها كما ورد على لسانها أيضاً، حيث ‏كانت تجمعهما علاقة حبٍّ منذ عامين لكن هذه العلاقة كانت تنهار شيئاً فشيئاً بسبب اختلاف شخصية كل ‏منهما:

كليمنتاين التي لم تكن سعيدة في نهاية الأمر تزور عيادة الدكتور((هاورد)) وتمحو جويل من ذاكرتها فقد ‏أرادت نسيانه، وعندما يعلم جويل بما فعلت يقرر أن يفعل هو أيضاُ وذلك في ليلة عيد الفانتين/الحب وهنا ‏تظهر براعة المخرجMichel Gondry))‎‏)) أثناء إجراء عملية محو الذاكرة لجويل ومحاولته الهرب ‏والاختباء -طبعاً هذا يجري في لا وعيه- واثناء نومه لرغبته الإبقاء على كليمنتاين في ذاكرته والفكرة هي أن يأخذها إلى ‏ذكريات هي لم تكن موجودة فيها أصلاً، تلك المشاهد كانت رائعة ومؤثرة في آن معاً، مؤثرة لأننا نرى كيف ‏أن مساعدي هاورد ((باتريك وستان)) اللذين يقومان بعملية محو الذاكرة-نرى – لا مبالاتهم تجاه مشاعر جويل ‏وكيف يستغل الأول المعلومات التي حصل عليها أثناء عمله عن كليمنتاين ليقيم معها علاقة مستفيدا ًمن ‏ذكريات جويل عنها أما الثاني الذي يدعو((ماري)) زميلته في العمل لتسهر معه أثناء قيامه ِبالعملية ناهيك عن ‏الرَّقص على سرير جويل أثناء نومه.

تنتهي العملية ليصحو جويل في صباح 14/فبراير/2004 خائفاً ويرى ‏نفسه متجهاً إلى ((‏ montauk ‏))-ذلك الشاطيء الذي جمعه بكليم أو ل مرة –يستغرب تصرفه لجهله ‏السبب .

هناك يلتقي كليم من جديد وتبدأ بينهما علاقة مجدداً وكأنهما التقيا لأول مرة، بعد ذلك تقوم ماري ‏مساعدة الدكتور هاورد بأرسال ملفات جميع من قاموا بعمليات محو الذاكرة إلى أصحابها بعد اكتشافها أنها هي ‏نفسها محت ذاكرتها يوما لتنسى حبها للدكتور هاورد المتزوج.

عندها يعلم كل من جويل وكليمنتاين بما فعلا ‏لكنهما يستمران بالرغم من جميع احتمالات ظهور خلافات جديدة بينهما.‏


الفيلم أجمل من هذا كله،فأنا أعلم أنني فاشلة في رواية الأحداث والتَّعبير عن مواطنِ الجمال ألا أنني لم أستطعْ ‏مقاومة ما فعلتُ الآن...أعذروني لكن هي مجرَّد دعوة لمشاركتي ما ظننتهُ جميلاً .





Kate Winslet,Jim Carrey






Jim Carrey





Kate Winslet



Jim Carrey

Kate WINSLET

بينما يرسمون له خريطة للدماغ







((سعداء هم اللذين ينسون حتى أنهم ينسون حماقاتهم الخاصة))*

نيتشه

الموقع الخاص بالفيلم

Saturday, April 21, 2007

ْتَحيّة إلى النّوابْ في زَمَن ْالانتخاب

كلمات وألحان غدي الرحباني
غناء الفرسان الأربعة

Tuesday, April 17, 2007



(إلى من اشتقت هناك في مسعدة)


يا زهر الرّمان آن أوانك آن ‏





كلمات ألحان وغناء سميح شقير




ken watanabe


Monday, April 16, 2007



كل الأسماء

و ليتصور الآن كل من هو قادر على التصور حالة التوتر العصبي، والاستثارة التي فتح بها دون جوزيه لأول ‏مرة الباب المحظور ، والقشعريرة التي جعلته يتوقف عند المدخل، كما لو أنه وضع قدمه على عتبة حجرة يدفن ‏فيهاإله لا تأتيه مهابته، على عكس ماهو شائع، من الإنبعاث وإنما من رفضه له. فالآلهة الموتى وحدهم هم الآلهة ‏دوماً. كانت الكتل الشبحية للخزائن المترعة بالأوراق تبدو وكأنها تشق السقف غير المرئي وتعلو في السماء ‏السوداء، وكان الضوء الشاحب فوق الطاولة المديرأشبه بنجمة نائية وخامدة. ومع أنه يعرف جيداً الأرض ‏التي يتحرك فوقها، فقد أدرك دون جوزيه، عندما استعاد ما يكفي من هدوئه، أنه بحاجة إلى مساعدة ضوء كي ‏لا يصطدم بالأثاث، ولكن قبل ذلك، لكي يصل دون إضاعة وقت كثير،إلى الوثائق الخاصة بالمطران،البطاقة ‏أولاً،وبعد ذلك الملف الشخصي.كان لديه مصباح يدوي في الدرج الذي يحتفظ فيه بالمفتاح.ذهب ‏لإحضاره،وعندئذٍ ،كما لو أن حمله الضوء قد ولد شجاعةً جديدة في روحه، تقدم مصمماً تقريباً بين ‏الطاولات،حتى بلغ الكونتوار،الذي كان يقبع تحته أرشيف بطاقات الأحياء الواسع.وعثر بسرعة على بطاقة ‏المطران وحالفه الحظ بأن الخزانة التي يحفظ فيها الملف المطابق للبطاقة لم يكن أعلى من مدى ارتفاع الذراع. لم ‏يحتج للسلم. ولكنه فكر بتوجس كيف ستكون حياته عندما سيضطر إلى الصعود إلى المناطق العليا من ‏الخزائن،هناك حيث تبدأ السماء السوداء.فتح خزانة المطبوعات،وأخرج نموذجاً من كل أنواع الاستمارات ‏ورجع إلى البيت،تاركاً باب الاتصال مفتوحاً.جلس بعد ذلك،وبيده التي ما زالت ترتعش،بدأ باستنساخ ‏المعلومات الشخصية للمطران على نسخة من الاستمارات البيضاء،الاسم الكامل،دون أن يغفل أي كنية أو أي ‏تفصيل،تاريخ ومكان الولادة،اسما الأبوين،اسما العرابين،واسم الكاهن الذي عمده،واسم موظف المحفوظات ‏العامة الذي قام بتسجيله،كل الأسماء.‏ ‏

مقطع من رواية "كل الأسماء" لخوسيه ساراماغو والصادرة عن دار المدى عام 2002،ترجمة:صالح علماني

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

لقد بدأنا نعرف ما معنى الزمن

عندما نعود إلى البيت وحيدين

متشابكي القلوب و الأصابع

بدأنا نعرف ما تعني الصخور النائمة في البحر

الشمس النائمة في السماء

و الأغاني النائمة في المقبرة

بدأنا نعرف لماذا ننام و نأكل

و نسير في الشوارع بلا هدف

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

حيث في كلّ كلمة قبلة مذبوحة

حيث في كلّ (صباح الخير) طلقة مخبأة

لم نستطع أن نمزِّق بها دماغ صيَّاد

لقد بدأنا نعرف و نفكِّر و نتألَّم بشكل حسن

محاولين أن نقول للفتاة الجميلة:

(هذه المظلَّة لا تصلح للوقاية من النار

هذا الثوب لا يصلح للقيام بنزهة إلى الغابة

هذه الأصابع لا تصلح لمداعبة قطَّة

و هاتان العينان المليئتان بالسنايل

لا تصلحان لرؤية الجوع

و هو يتقلَّب بعنف فوق فراش شائك)

ههنا كل شيء مريض:

البشر و الحيوانات و الأزهار

القوانين و الدول

الآلهة الطيِّبة و الشياطين الشرِّيرة

الذين رحلوا عنَّا

و الذين ما زالوا يتشبَّثون بنا

مثلما تشبَّث السندباد بجسم حوت بليد

معتقدًا أنَّه صخرة

و ها نحن نغوص

مرضى و معذَّبين و مُتعبين و جوعى

في هذه الهاوية الرحبة

التي اسمها (حياتنا)

نعرف و نفكِّر و نتألَّم بشكل حسن

نعرف لون الأفق في السادسة صباحًا

لون الطفل و هو يغادر صباحه إلى الأبد

و لون الصباح الذي لا يزورنا

إلاَّ عندما نشعر بحاجة إلى النوم.

أنت،

اخلع عنك الحياة و أذهب بصراحة إلى الموت

الموت يا عزيزي سمكة لن تقبض عليها

إلاَّ إذا كانت يداك جافَّتين

و مشاعرك حافية


أنتِ،

اخلعي حياتك و أوقدي شمعة

و لا تفكِّري كثيرًا بشهداء الأقاليم

لا تفكِّري بالبحَّارة التعساء

و لا بالقرصان الجميل

و لا تفكِّري بإفريقيا الخضراء

و لا بآسيا الرماديَّة

لا تفكِّري بالبجع و لا بالتماسيح

لا بالنهر و لا بالزورق

فقط اتركي نفسك بهدوء قرب شمعة

بذاكرة بيضاء و قلب صافٍ

و لنحاول معًا أن نعرف ما معنى الزمن

عندما، كجنديٍّ مسكين

يمدُّ ذراعه السليمة

طالبًا منَّا صدقة

جنديّ مسكين أو امرأة نحيلة

على السرير العاري كانا يموتان

(بهدوء... بهدوء... بهدوء)

تفتح المرأة عينيها و تنظر إلى الجندي بدهشة

يفتح الجندي ساعديه و يضمُّ المرأة بخوف

بدهشة و خوف كانا يموتان

و العالم حولهما يتداعى و يختفي

و الناس

الناس الوادعون

الطيِّبون

الأبرياء حتَّى رؤوس أصابعهم

كانوا ينظرون إليهما بلامبالاة

و حينما انتفض الجندي و طلب سيجارة

و حينما انتفضت المرأة و أعطته السيجارة

فتح الهواء الباب و أطفأ عيدان الثقاب...

أنا رجل مسكين

و أنتِ امرأة نحيلة

أنا بعيد

و أنتِ مثلي مثلي مثلي بعيدة

يداك الملوَّثتان بالحبّ

لا تغسليهما

الوحش المقتول في قلبك

اتركيهِ هناك يتفصَّد موتًا

ذثِّريه بالأغاني و ضعي يديه فوق صدره

و غدًا، أو اليوم،

عندما تصبح الحريَّة كالهواء مباحة

عندما يتداعى الأباطرة كالجدران القديمة

عندما يمتلك الجميع قليلاً من الرصاص

و كثيرًا من القلب

و غدًا، أو اليوم،

عندما نعرف و نفكِّر و نتألَّم بشكل حسن

و غدًا، أو اليوم،

سنحاول أن نسير في الشارع

نتكلَّم بغبطة و بلا خجل

و وحيدين نعود إلى البيت

متشابكي القلوب و الأصابع

و للشجر أن يكون أشد اخضرارًا

و للبحر أن يكون أشد اتِّساعًا

و مثلما يحقُّ للسكِّين أن يكون حادًّا و مؤلمًا

فللخطيئة الجميلة حقّها في أن تتكاثر كالأرانب

حيث في كلّ خطوة قمر مكسور

حيث

في

كلّ

كلمة

قبلة

مذبوحة.




رياض الصالح الحسين